استقرار أم عبء مالي؟ عقود تشيلسي طويلة الأجل تحت المجهر

أثبتت استراتيجية نادي تشيلسي الإنجليزي، القائمة على إبرام عقود طويلة الأمد مع اللاعبين، جدواها على صعيد تحقيق الاستقرار الفني، لكنها في المقابل قد تتحول إلى عبءٍ يهدد النادي، وذلك في ظل التزايد المستمر لالتزاماته المالية، وفقًا لما كشفت عنه أحدث دراسة صادرة عن مرصد "CIES" المتخصص في شؤون كرة القدم.
وتشير الدراسة إلى أن نحو 91.8% من لاعبي تشيلسي الحاليين مرتبطون بعقود تمتد حتى عام 2026 على أقل تقدير، الأمر الذي يمنحهم صدارة قائمة الأندية التي تمتلك أكبر عدد من الدقائق المضمونة في 37 دوريًا على مستوى العالم.
يتمتع "البلوز" بسيطرة شبه مُطلقة على تشكيلتهم الأساسية في المستقبل القريب، وهذا يمنحهم قدرًا كبيرًا من الثبات والاستقرار، إلا أنه في الوقت ذاته يضع على عاتقهم أعباءً مالية ضخمة، خاصة مع استمرار النادي في إنفاق مبالغ باهظة لجلب المزيد من اللاعبين.
لقد وضعت هذه الالتزامات طويلة الأجل نادي تشيلسي في مركز قوة فيما يتعلق بالاستمرارية، إلا أن الجانب السلبي لهذه الاستراتيجية يتمثل في أنها قد تحد من مرونته في سوق الانتقالات عندما يحتاج إلى إجراء تغييرات في صفوف الفريق، علمًا بأنه قد أنفق بالفعل ما يزيد على مليار جنيه إسترليني لإعادة بناء الفريق الحالي.
والجدير بالذكر أن النجم كول قد قام بتمديد عقده، الذي كان يمتد في الأصل لـ 7 سنوات، لمدة عامين إضافيين، ليضمن بقاءه في صفوف "البلوز" حتى عام 2033.
إن النهج الذي يتبعه تشيلسي ليس فريدًا من نوعه، فهناك العديد من الأندية الأخرى التي تسير على نفس الدرب، مثل موناكو وألكمار وريال سوسيداد وباريس سان جيرمان ومانشستر يونايتد، التي تحتل المراكز الستة الأولى في هذه القائمة، مما يدل على أن التخطيط لتشكيلات الأندية مع التركيز على العقود المستقبلية بات توجهًا متزايدًا في عالم كرة القدم.
وقد لعبت العقود طويلة الأجل دورًا كبيرًا في توزيع تكاليف الانتقالات على مدار عدة سنوات، وذلك بهدف الالتزام بقواعد اللعب المالي النظيف، على الرغم من أن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) قد أوقف العمل بهذه الممارسة.
لقد ظهر اتجاه جديد يتمثل في انتقال النجوم الكبار إلى أنديتهم الجدد مجانًا في نهاية عقودهم، ومن أبرز الأمثلة على ذلك انتقال كيليان مبابي إلى ريال مدريد، وروبرت ليفاندوفسكي إلى برشلونة، ولكن يبدو أن العديد من الأندية الأوروبية الكبرى قد تنبهت لهذا الأمر وبدأت في اتخاذ التدابير اللازمة.
يحتل كل من موناكو وألكمار المركزين الثاني والثالث على التوالي بعد تشيلسي، بنسبة 91.3% و89.2% من الدقائق التي حصل عليها لاعبوهما على التوالي.
وعلى النقيض من ذلك، قد يواجه مانشستر يونايتد، في إطار استعداده لإعادة بناء الفريق خلال فترة الانتقالات الصيفية المقبلة، تحديات كبيرة تتعلق بعقوده طويلة الأجل، وذلك نظرًا لأن جزءًا كبيرًا من لاعبيه مرتبطون بعقود طويلة الأمد.
في ذلك الوقت، كان التعاقد مع لاعبين بارزين مثل كاسيميرو وأنتوني بعقود طويلة الأجل خيارًا منطقيًا، إلا أن النادي يواجه الآن مهمة صعبة تتمثل في التخلص من اللاعبين الذين لم يقدموا الأداء المنتظر منهم، والذين لم يرقوا إلى مستوى التوقعات عند انضمامهم إلى الفريق.
وإلى جانب الأندية الكبرى المعروفة، يحتل كل من زينيت سانت بطرسبرج وكوفنتري سيتي المراكز العشرة الأولى في هذه القائمة، مما يوضح مدى انتشار هذا التوجه، وبينما تمكن القوة المالية الهائلة لنادي تشيلسي من استقطاب أفضل المواهب في عالم كرة القدم، فإن أندية من دوريات أصغر، مثل زينيت، تطبق استراتيجيات مماثلة لتحقيق الاستقرار في صفوف فرقها.
وعلى الرغم من المخاطر المالية المحتملة، فإن باريس سان جيرمان (الذي حصل لاعبوه على 88.4% من دقائق اللعب) وآرسنال (85.8%) يستفيدان بشكل كبير من التخطيط المستقر طويل الأمد لتشكيلتيهما، مما يضمن جاهزيتهما الكاملة للتعامل مع التحديات المستقبلية، سواء داخل الملعب أو خارجه.
في الختام، يمكن النظر إلى العقود طويلة الأجل كأداة فعالة لتحقيق الاستقرار في المستقبل، إلا أن النهج الذي يتبعه تشيلسي يذكرنا أيضًا بالمخاطر المحتملة المترتبة على الإفراط في الالتزام باللاعبين، وخاصة في سوق الانتقالات الذي يتطلب التكيف السريع والمرونة العالية.